You are currently viewing  الاغتيال الاقتصادي للأمم

 الاغتيال الاقتصادي للأمم

 الاغتيال الاقتصادي للأمم

كتاب قرأته قبل أيام ، ولم استغرب على ما اطلعت عليه في هذا الكتاب ، بل استغربت على سبب تأخري في الاطلاع عليه من قبل، وهذه لا اعتقد بمشكلة فصاحب الكتاب، الاقتصادي الامريكي جون بركنز الذي اختار لنفسه اسم ( قرصان اقتصادي) تردد في كتابة هذا الكتاب اربع مرات لانه خلال عشرين سنة كان يتعرض اما للتهديد او للاغراء وفي الحالتين يذكر انه كان ضعيفا ولم يتخطى ضعفه الا حين بلغ السبعين ونيف وشعر بإنّ الدنبا رحلة قصيرة لا تحتاج كل هذا الإجرام.
يقول بركنز انه لم يعِ الحقيقة الا حين فتحت الصحفية ” باولا” التي كتبت سيرة حياته في مجلة” مين لاينز” Main Lines صندوق ” باندورا”.*
يقول بركنز: إنّ الخداع في العالم لم يكن فيما كتب، بل الخداع كان فيما لم يُكتَب، حيث تحدث عن ( التدخل في اندونيسيا، والسيطرة على قناة بنما، وانقلاب مصدق رئيس وزراء ايران زمن بهلوي، وسقوط الشاه، ومصرع رئيسي بنما ورئيس الاكوادور، وتوظيف صدام حسين ثم التآمر عليه، وكل المفاوضات مع اسرائيل… الخ) وكل هذه الأنشطة الواضحة جداً هي هدفها الوحيد الحفاظ على مصالح أعضاء الكوربوقراطية
Corporatocracy
وهي ” متظومة الشركات، والبنوگ ، والحكومات مجتمعة) والتي تسعى لترسيخ فكر ما يسميه” الامبراطورية العالمية” والتي تستخدم كل الطرق للحفاظ على مصالح تلك الامبراطورية واهمها هي استخدام ” قراصنة الاقتصاد” الذي يصف بركنز نفسه انه كان احدهم، وهم ما يسمونهم ” المستشارين الاقتصاديين” الذين يتميزون حسب بركنز بجمال المنظر وقذارة الجوهر، وهم افراد لا يملكون اي ذكاء اقتصادي بقدر ما يتقنونه من فن الاقناع والكذب وتستخدمهم “مؤسسات عالمية” عالمية مثل ( صندوق النقد الدولي وبنگ التجارة العالمي، وغيره من المؤسسات التي تغدق عليهم باجور كريمة، والتي تؤدي وظيفتها باتقان وهي جعل القراصنة يقنعون الموظفين الكبار لحكومات الدول الغنية بالطاقة والموارد الطبيعية بأخذ قروض بحجة تحسين برامجها الاقتصادية واحداث تنمية، وتُسجن تلك البلدان وشعوبها بقروض مشروطة ولا تجد تحسن في اقتصادها ولا خدماتها بل تزداد فقراً ولا تُبقي لشعوب هذه الدول سوى أمل تخلقه لها منظمات اعلامية ومؤسسات ناشطة مدنيا لتبعية شعوبها وتخديرها.
أوصي كل شخص قراءة كتاب( الاغتيال الاقتصادي للأمم) والذي يختمه مؤلفه بنصيحة ويقول: إنّ البشر توصلوا الى مستوى جيد من الخداع، لكن للأسف سيؤدي هذا الخداع لخراب حضارتنا ليس من الوجهة الاخلاقية فحسب بل من الناحية المادية، وإن لم نعمل بالتغيرات فالعالم باتجاه النهاية.
وبغض النظر عن رأينا في الكتاب او كاتبه والغاية من تأليفه لكن تبقى حقيقة واحدة نتفق معه بها هي ان ( حب السيطرة والتحكم) صارت ظاهرة وسواسية لدى الجميع
——————————————
* باندورا : وهي اسطورة يونانية تتحدث عن إمرأة خُلِقت في الارض من ( الماء والتراب) بغاية الدقة والجمال والانوثة والقدرة على الإقناع والتاثير ولم تحرم الا من شيء واحد، وهو فتح صندوق مغلق، طُلِب منها ان لا تفتحه، لكن فضولها لم يمنعها من الالتزام بالنصيحة ففتحت الصندوق وخرج منه كل الشر للأرض