الذين نسمّيهم عظماء التاريخ
وعلماء الأمّة، يأتون روحًا هي أكبرُ من أجسادهم
يثيرون من حولهم الحياة،
يُحيون في العقل خفقه،
ويمنحون الحياة نبضها..
حتّى الحصى تردّد صداهم..
في زمانهم؛ تتّسع النظرة إليهم وُسع الناظرين؛
ولذلك يجهلُ قدرَهم كثيرون
حتى بعدَ أن يرحلوا، وتبتعدَ مواقعُ الرؤية منهم،
يتناولُهم مَن خلفَهُم، كلٌّ بحجم استيعابه لتاريخهم ورسالتهم،
ولذلك يستمرُّ كثيرون على جهل قدره،
ويجتزئه آخرون،
ويمتطي الانتماءَ إليه مستثمِرون لأنفسهم،
ثمّ تلمحُهُ في كلماتِ جيلٍ لم يعرفْهُ شخصًا،
ولم يقابله يومًا،
وإنّما اغترفَ روحَهُ خفقةً خفقةً،
ورآهُ بين أحرُفِ حبرِه،
والتقى به في مداد فكره،
وشمّ عبقه في أريج مواقفه،
وشخَّصَهُ عند منعطفِ التاريخ؛
فرأى ما كان قبلَهُ وأثر ما حصل بعدَه..
وألمسُني صغيرًا في هذا الجيل..
وأنا لا أزالُ أراني المقصِّرَ في متابعة خطوِك؛
ولا زلتُ أحبو بين جرأة مواقفك،
وأستمرُّ في اكتشافِك، مع كلّ إشراقة فكرٍ،
وكلّ نبضِ حُبٍّ،
وكلّ انفتاحِ قلبٍ،
وعزيمة وجدان،
وإرادة قوة في وجه ظالمٍ ومتجبّر..
ومع كلّ أنّة جائع ومحرومٍ..
وألثُمُك في بعض ذكرياتي، لعلّي أرتشفُ بعضًا من روحك إلى روحي الهاربةِ منّي،